البداية التي تصنع الفرق

٣ أغسطس ٢٠٢٥

التعلم مدى الحياة في زمن التحولات المتسارعة

التعلم مدى الحياة أصبح حاجة ملحّة في عصر التغيرات المتسارعة، لضمان مواكبة المهارات والحفاظ على التنافسية في سوق العمل العالمي.


مصطلح "التعلم مدى الحياة" لم يعد شعارًا تحفيزيًا يُردد في المؤتمرات أو الأبحاث الأكاديمية، بل أصبح ضرورة حقيقية تفرضها طبيعة العصر. حيث تتسارع الابتكارات التقنية وتتشكل مهن جديدة بينما تختفي أخرى، صار الاكتفاء بالشهادة الجامعية أو الخبرة العملية الثابتة لا يضمن البقاء في سوق العمل.

فالسؤال لم يعد: "هل أحتاج إلى التعلم بعد التخرج؟" بل أصبح: "كيف أستطيع أن أجعل التعلم جزءًا دائمًا من حياتي؟"
 
 

ما المقصود بالتعلم مدى الحياة؟

التعلم مدى الحياة هو عملية مستمرة تهدف إلى تطوير المعرفة والمهارات والكفاءات على امتداد حياة الفرد. ويشمل هذا النوع من التعلم:

التعليم النظامي: مثل البرامج الأكاديمية والدورات الرسمية.

التعليم غير النظامي: مثل ورش العمل والدورات التدريبية.

التعلم الذاتي: عبر قراءة الكتب والمقالات أو متابعة الدورات عبر الإنترنت.
 
 

لماذا هو مهم اليوم أكثر من أي وقت مضى؟

لأننا نعيش في اقتصاد قائم على المعرفة، حيث تتغير المهارات المطلوبة بسرعة كبيرة. تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي تشير إلى أن 44% من المهارات المطلوبة اليوم في الوظائف الحالية ستتغير بحلول عام 2027. هذا يعني أن البقاء على اطلاع ومواكبة هذه التغيرات أصبح مسألة بقاء مهني واستقرار شخصي.
 
 

التحولات التي جعلت التعلم المستمر ضرورة

التغيرات التقنية السريعة: تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لم تعد حكرًا على قطاعات التقنية فقط. تأثيرها وصل إلى القطاع الصحي، والتعليمي، والصناعي، ما يعني أن جميع العاملين بحاجة إلى إعادة تأهيل مستمرة.

تغير طبيعة الوظائف: بعض المهن تلاشت وأخرى استُحدثت. على سبيل المثال، قبل 10 سنوات لم تكن وظائف مثل "خبير بيانات" أو "مهندس تعلم آلي" موجودة بهذا الزخم. لكن اليوم، هذه الوظائف من الأكثر طلبًا عالميًا.

العولمة والمنافسة: سوق العمل أصبح عابرًا للحدود. المنافسة اليوم ليست مع زملائك في نفس المدينة فقط، بل مع شخص في قارة أخرى يمتلك مهارات أكثر تطورًا.

الحاجة للتنمية الشخصية والاجتماعية: التعلم المستمر لا يرتبط بالوظيفة فقط، بل يعزز التكيف مع الحياة، ويطور القدرة على التواصل، وحل المشكلات، وإدارة التحديات اليومية.

في هذا السياق يصبح التعلم المستمر أيضًا أداة لتحقيق الابتكار الاجتماعي، إذ يفتح المجال أمام الأفراد لتطوير حلول إبداعية للتحديات المجتمعية، كما يعزز دور المؤسسات في ممارسة المسؤولية المجتمعية عبر توفير برامج تعليمية وتدريبية مستدامة.
 
 

كيف يمكننا بناء ثقافة التعلم المستمر في حياتنا؟
 

تبني عقلية النمو (Growth Mindset): كما أوضحت الباحثة كارول دويك، الأشخاص الذين يؤمنون بأن قدراتهم قابلة للتطور عبر الجهد والتعلم المستمر يحققون نتائج أفضل من الذين يرون قدراتهم ثابتة.

التعلم الجزئي (Microlearning): بدلاً من الدورات الطويلة، يمكن تقسيم التعلم إلى وحدات قصيرة عبر تطبيقات ومنصات مثل Coursera أو Udemy أو Khan Academy، وكذلك المنصات السعودية مثل "منصة دروب" و"منصة إثرائي"، مما يتيح التعلم في أي وقت وبطريقة مرنة.

الاستفادة من التعلم الاجتماعي: الانضمام إلى مجتمعات التعلم (سواء عبر الإنترنت أو حضوريًا) يعزز الدافعية ويتيح مشاركة المعرفة والخبرات.

الاستثمار في المهارات الرقمية: سواء كنت تعمل في مجال التقنية أم لا، المهارات الرقمية الأساسية أصبحت شرطًا للبقاء، مثل تحليل البيانات، والتعامل مع البرمجيات المتقدمة، والتسويق الرقمي.


أثر التعلم مدى الحياة على المجتمع


التعلم المستمر لا يغير الأفراد فقط، بل يخلق مجتمعًا أكثر مرونة واستدامة.

اقتصاديًا: يعزز القدرة التنافسية للدول ويحد من البطالة.

اجتماعيًا: يقلل الفجوات بين الفئات المختلفة ويزيد الاندماج المجتمعي.

ثقافيًا: ينمي قيم الابتكار والتعاون ويشجع على التفكير النقدي.
 
 

التعلم المستمر هو مهارة المستقبل


التعلم مدى الحياة ليس ترفيها أو من الكماليا، إنه استثمار طويل الأمد في الذات وفي المجتمع ككل. فإذا أردت أن تحافظ على مكانك في عالم سريع التغير، وأن تضمن مستقبلًا مهنيًا وشخصيًا أكثر استقرارًا، فاجعل التعلم عادة يومية.

أروقة البداية والنهاية

نسير بثبات نحو المستقبل عبر أروقة العمل الجاد والطموح الذي لا يعرف حدودًا..
نزرع الأثر ليبقى، ونستكشف الآفاق الواعدة لنكتشف فرصًا تعود بالنفع على الإنسانية جمعًا.
هنا، حيث يبدأ الأمل، ولا تنتهي المسيرة!

تواصل معنا الآن
Logo