التمكين الاقتصادي رافعة التحول المجتمعي
يُعيد التمكين الاقتصادي في السعودية تشكيل المجتمع عبر فتح الموارد، بناء القدرات، وتحفيز بيئة الأعمال، ليقود نحو تنمية مستدامة واستقرار شامل.
أصبح التمكين الاقتصادي ركيزة لا يمكن الاستغناء عنها في أي خطة تنموية جادة. لم يعد الموضوع مجرد فكرة مثالية تتداولها المؤتمرات، بل أصبح شرطًا أساسيًا للاستقرار السياسي والاجتماعي، وضمان استمرارية النمو الاقتصادي. الدول التي تتأخر في هذا المسار تدفع ثمنًا مضاعفًا على المدى الطويل، سواء عبر فقدان الكفاءات أو اتساع فجوات الدخل.
التمكين الاقتصادي: رؤية متكاملة
التمكين الاقتصادي ليس إجراءً منفردًا أو مبادرة قصيرة المدى، بل هو عملية استراتيجية تهدف إلى وضع الأفراد، بغض النظر عن خلفياتهم، في موقع يتيح لهم الاستفادة الكاملة من موارد المجتمع وفرصه. يمكن تلخيص هذه الرؤية في ثلاثة محاور مترابطة:
1. إتاحة الموارد بمرونة وكفاءة
يشمل ذلك توفير التمويل الميسر، والوصول إلى معلومات سوقية دقيقة، وتطوير بنية تحتية تسهّل بدء وتشغيل المشاريع. التجارب العالمية تؤكد أن الوصول السهل للموارد يزيد من معدلات تأسيس المشاريع الناجحة، ويعزز استدامتها.
2. بناء القدرات النوعية
لا يكفي توفير المال أو البنية التحتية إذا كان العنصر البشري يفتقر إلى المهارات المطلوبة. لذلك، يعد الاستثمار في التعليم التقني والتأهيل المهني الموجه نحو احتياجات السوق أولوية قصوى. في السياق السعودي، باتت برامج التدريب المكثف جزءًا أساسيًا من رؤية 2030، مع تركيز واضح على المجالات ذات القيمة المضافة العالية مثل التقنية والخدمات المتخصصة.
3. تهيئة بيئة أعمال محفزة
تشمل إصلاح التشريعات وإزالة المعوقات البيروقراطية، وضمان الشفافية والعدالة في المنافسة. هذه البيئة تفتح المجال أمام دخول لاعبين جدد وتدفع أصحاب المشاريع الصغيرة للنمو دون خوف من عراقيل غير مبررة.
ملامح التقدم السعودي بالأرقام
الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تكشف عن تحولات ملموسة:
- ارتفاع معدل المشاركة الاقتصادية للسعوديين إلى 51.5% في 2024.
- وصول نسبة المشاركة الاقتصادية الكلية – سعوديين وغير سعوديين – إلى 66.6%.
- انخفاض معدل البطالة بين السعوديات إلى 11.9%، وهو أدنى مستوى منذ سنوات.
- تضاعف عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، مع امتلاك النساء 45% من هذه المشروعات.
هذه المؤشرات ليست مجرد بيانات جافة، بل تعكس تحوّلًا في البنية الاقتصادية، وانتقالًا من اعتماد شبه كامل على القطاع الحكومي إلى اقتصاد أكثر تنوعًا وشمولية.
الفوائد المتعددة الأبعاد
أثر اقتصادي مباشر
تحرير الطاقات الاقتصادية غير المستغلة، مثل زيادة مشاركة النساء، يسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي بشكل مثبت إحصائيًا. الدراسات المحلية تشير إلى أن زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل تضيف نقاطًا مئوية حقيقية إلى النمو السنوي.
انعكاسات اجتماعية إيجابية
التمكين الاقتصادي يغير المواقف الاجتماعية بمرور الوقت. عندما يرى المجتمع أن دخول المرأة أو الشباب إلى مجالات جديدة يحقق قيمة مضافة، يتراجع الرفض التقليدي وتزداد مستويات القبول.
استراتيجيات لدعم المسار
- مواءمة التعليم مع السوق: تصميم برامج دراسية وتدريبية تلبي احتياجات القطاعات الواعدة مباشرة.
- تحفيز ريادة الأعمال: دعم المشاريع الناشئة بمنصات تمويل وإرشاد، خاصة للنساء والشباب.
- توسيع البنية التحتية الرقمية: تمكين المشروعات الصغيرة من الوصول إلى أسواق أوسع عبر التجارة الإلكترونية.
- تفعيل البيانات المفتوحة: إتاحة بيانات اقتصادية واجتماعية لتوجيه القرارات الاستثمارية والتنموية.
من الخيار إلى الإلزام
التمكين الاقتصادي في السعودية تجاوز مرحلة كونه مشروعًا تجميليًا ليصبح سياسة محورية في التخطيط الوطني. الأرقام والنتائج الملموسة تثبت أن فتح المجال أمام كل مواطن، وفقًا لمبدأ الكفاءة، يعزز النمو ويرسّخ الاستقرار. الرهان القادم هو ضمان استدامة هذا التحول، عبر الاستثمار المستمر في الإنسان، والبنية التحتية، وسياسات تدعم التنوع والشمول.
أروقة البداية والنهاية
نسير بثبات نحو المستقبل عبر أروقة العمل الجاد والطموح الذي لا يعرف حدودًا..
نزرع الأثر ليبقى، ونستكشف الآفاق الواعدة لنكتشف فرصًا تعود بالنفع على الإنسانية جمعًا.
هنا، حيث يبدأ الأمل، ولا تنتهي المسيرة!
