البداية التي تصنع الفرق

٣١ يوليو ٢٠٢٥

لماذا نتعلم؟ سر الدافع الداخلي للتعلم المستمر

رحلة التعلم الحقيقية تنطلق من الداخل؛ فحين يجتمع الشغف بالمعرفة مع الإحساس بالكفاءة والانتماء والاستقلالية، يتحول التعلم من عبء إلى متعة تدوم وتفتح أبواب الفرص.


مع تسارع التحولات التقنية والاجتماعية بوتيرة عالية، لم يعد التعلم رفاهية أو خيارًا جانبيًا، بل أصبح حجر الأساس للبقاء والتميّز. لكن هنا يبرز سؤال جوهري: لماذا نتعلم؟ ولماذا يشعر البعض أن التعلم رحلة ممتعة ومحفزة، بينما يراه آخرون عبئًا ثقيلًا وضغطًا نفسيًا؟


الحقيقة أن الدافع وراء التعلم هو ما يحدد كيف نختبره: هل هو تجربة تنموية ثرية؟ أم التزام مرهق؟ وهنا تأتي نظرية التحفيز الذاتي (Self-Determination Theory - SDT) لتقدم إجابة شافية، إذ توضح أن التعلم يصبح أكثر متعة واستدامة عندما يلبي احتياجات الإنسان الأساسية من الكفاءة، والارتباط، والاستقلالية.
 
 

ما الذي يجعل التعلم ممتعًا لا عبئًا؟
 

تضع نظرية التحفيز الذاتي ثلاثة عناصر جوهرية يحتاجها الإنسان ليزدهر في التعلم والحياة:


الكفاءة (Competence): الإحساس بالقدرة على الفهم والتحسن.

الارتباط (Relatedness): الشعور بالانتماء والدعم من مجتمع أو بيئة حاضنة.

الاستقلالية (Autonomy): التعلم بدافع ذاتي حقيقي وليس استجابة لضغط خارجي.

عندما تتكامل هذه العناصر في عملية التعلم، يتحول من مهمة مرهقة إلى رحلة استكشاف شخصي. مثلاً:

شخص يتعلم مهارة جديدة لأنه شغوف بها، يعيش تجربة مليئة بالحماس والطاقة. بينما من يتعلم فقط لإرضاء الآخرين أو خوفًا من الفشل، غالبًا ما ينتهي به المطاف إلى الإحباط والتوتر.
 
 

التعلم بدافع داخلي = نتائج أفضل

تشير الدراسات إلى أن التعلم بدافع داخلي:


يعزز الفهم العميق للمعلومة.

يزيد الثقة بالنفس.

يجعل المعرفة تدوم لفترة أطول.

ينعكس إيجابًا على الصحة النفسية.

في ظل التحول التقني المتسارع، يصبح التعلم المستمر ليس فقط وسيلة للتطوير الشخصي، بل أيضًا أداة أساسية لتحقيق التمكين الاقتصادي وتحسين فرص الأفراد في سوق العمل.
 

كيف نحول التعلم من التزام إلى رحلة؟


التحدي ليس في إيجاد المعلومات، فهي متاحة بوفرة، بل في إعادة تعريف علاقتنا بالتعلم. إليك بعض الخطوات العملية:


اسأل نفسك: لماذا أتعلم؟ هل هو بدافع داخلي (الشغف، الفضول، تحسين الذات) أم بدافع خارجي (الخوف من الفشل، تلبية توقعات الآخرين)؟ تحديد السبب يساعدك على إعادة توجيه الطاقة.

حدد أهدافًا واقعية وقابلة للقياس. التعلم دون هدف محدد يشبه السفر بلا خريطة. اجعل لكل رحلة تعلم غاية واضحة، حتى وإن كانت صغيرة.

ادمج التعلم في حياتك اليومية. لا يجب أن يكون التعلم دائمًا في قاعات الدراسة. يمكن أن يكون عبر قراءة مقالات، مشاهدة محتوى تثقيفي، أو حتى النقاش مع أشخاص ملهمين.

ابحث عن مجتمع يدعمك. الانضمام إلى مجموعات تعلم أو منتديات يهتم أعضاؤها بنفس المجال يعزز شعور الارتباط ويخلق بيئة مشجعة للاستمرار.



اجعل التعلم حليفك لا عبئك


التعلم المستمر ليس مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل أسلوب حياة يفتح الأبواب للفرص ويمنح الإنسان القدرة على مواجهة المجهول بثقة. فعندما يكون التعلم نابعًا من دافع داخلي حقيقي، يتحول من عبء إلى رحلة مليئة بالشغف والمعنى.

أروقة البداية والنهاية

نسير بثبات نحو المستقبل عبر أروقة العمل الجاد والطموح الذي لا يعرف حدودًا..
نزرع الأثر ليبقى، ونستكشف الآفاق الواعدة لنكتشف فرصًا تعود بالنفع على الإنسانية جمعًا.
هنا، حيث يبدأ الأمل، ولا تنتهي المسيرة!

تواصل معنا الآن
Logo