البداية التي تصنع الفرق

٣٠ أغسطس ٢٠٢٥

تمكين الفئات الأقل حظًا: العدالة الاجتماعية كمحرك للنمو

تمكين الفئات الأقل حظًا في السعودية لم يعد شأنًا خيريًا لكنه أصبح خيارًا استراتيجيًا يعزز النمو والاستقرار، عبر دمج ذوي الدخل المحدود وذوي الإعاقة وسكان القرى في الدورة الاقتصادية.


أي خطة تنموية تتجاهل الفئات الأقل حظًا تبقى ناقصة، مهما بدت مؤشرات النمو الكلي إيجابية. استبعاد ذوي الدخل المحدود، أو ذوي الإعاقة، أو سكان المناطق النائية، يعني خلق فجوات اقتصادية واجتماعية تضعف الاستقرار على المدى البعيد. 
في السعودية، انتقل التعامل مع هذه الفئات من منطق الرعاية الخيرية إلى منطق الاستثمار في قدراتهم، باعتبارهم جزءًا من منظومة الإنتاج، لا مجرد مستفيدين من الدعم. 


تعريف الفئات الأقل حظًا 

تختلف المعايير من دولة إلى أخرى، لكن في السياق السعودي يمكن تحديد ثلاث مجموعات رئيسية: 

  • الأسر ذات الدخل المحدود: ممن يفتقرون إلى مصادر دخل كافية أو مستدامة. 
  • الأشخاص ذوو الإعاقة: ممن يواجهون صعوبات في الوصول إلى فرص العمل أو التعليم. 
  • سكان المناطق الريفية والنائية: الذين يعانون من محدودية البنية التحتية وضعف الخدمات. 

لماذا يعد تمكينهم ضرورة استراتيجية؟ 

دمج هذه الفئات في الدورة الاقتصادية ليس مسألة إنسانية فقط، بل خطوة اقتصادية مدروسة. 
التجارب الدولية تؤكد أن كل ريال يُستثمر في تمكين الفئات المهمشة يعود على الاقتصاد بعوائد مضاعفة، سواء عبر زيادة الإنتاجية أو تقليل الاعتماد على الدعم الحكومي. 


برامج سعودية بارزة 


1. برنامج توافق 

أطلقه صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل من خلال دعم التوظيف والتدريب المناسب.
أكثر من 35 ألف سعودي من ذوي الإعاقة استفادوا من البرنامج منذ 2014، وشهدت قطاعات مثل التقنية والتجارة زيادة في نسبة العاملين منهم. 


2. برنامج تمكين الأسر المنتجة 

تنفذه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية، ويهدف إلى توفير التمويل والتدريب وربط هذه الأسر بالأسواق.
حتى 2025، تم تمويل أكثر من 123 ألف مشروع بقيمة تجاوزت 12 مليار ريال، مما حوّل العديد من الأسر من متلقٍ للدعم إلى منتج ومساهم اقتصادي. 
 

3. مبادرات دعم المناطق الريفية 

ضمن برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، يتم دعم المزارعين والمزارعات في القرى النائية لتطوير الإنتاج وتسويقه محليًا وعالميًا.
في بعض المناطق، ارتفع دخل المستفيدين بنسبة 60% خلال عامين فقط. 


الأثر الاقتصادي والاجتماعي 

  • اقتصاديًا: دخول هذه الفئات في سوق العمل يوسع القاعدة الإنتاجية ويقلل من الفاقد الاقتصادي الناتج عن البطالة المقنعة. 
  • اجتماعيًا: تحسين مستوى المعيشة يقلل من الفوارق الطبقية ويحد من التوترات الاجتماعية. 
  • تنمويًا: دعم المناطق النائية يقلل من الهجرة الداخلية ويحافظ على التوزيع المتوازن للسكان. 


قصة نجاح: منصة "قرمز" 

"قرمز" مشروع سعودي أعاد إحياء الحرف التقليدية وحولها إلى منتجات قابلة للتصدير. من خلال تبسيط الإجراءات، وتوفير منصات بيع إلكترونية، ودعم الحرفيين بأساليب إنتاج مستدامة، تمكنت المنصة من دمج مئات الحرفيين، كثير منهم من الفئات الأقل حظًا، في دورة الاقتصاد الحديث. اليوم، تعرض منتجات "قرمز" في متاحف ومحافل دولية، لتصبح مثالًا على كيف يمكن للتراث أن يتحول إلى مصدر دخل وفرص عمل. 


التوصيات لتعزيز المسار 

  • توسيع نطاق التدريب المتخصص: ربط برامج التدريب بالفرص الفعلية في السوق المحلي والعالمي. 
  • تحفيز الاستثمار الاجتماعي: منح حوافز ضريبية للشركات التي تستثمر في مشاريع تمكين الفئات الأقل حظًا. 
  • تعزيز الوصول الرقمي: توفير الإنترنت عالي السرعة والخدمات الرقمية في المناطق الريفية لربطها بالاقتصاد الوطني. 

تمكين الفئات الأقل حظًا في السعودية تجاوز مرحلة الإعانات المباشرة، ليتحول إلى استراتيجية شاملة تعترف بقدرتهم على المساهمة في النمو. التجربة تؤكد أن المجتمعات الأقوى اقتصاديًا هي تلك التي لا تترك أحدًا خلفها، بل تفتح المجال للجميع للمشاركة في صناعة المستقبل. 

أروقة البداية والنهاية

نسير بثبات نحو المستقبل عبر أروقة العمل الجاد والطموح الذي لا يعرف حدودًا..
نزرع الأثر ليبقى، ونستكشف الآفاق الواعدة لنكتشف فرصًا تعود بالنفع على الإنسانية جمعًا.
هنا، حيث يبدأ الأمل، ولا تنتهي المسيرة!

تواصل معنا الآن
Logo